ولفظ لقيط يعبر تماما عن الطريقة أو البوابة التي يدخل منها هؤلاء الأطفال إلى عالم البشر، حيث يتم التقاطهم إما من فوق الأرصفه، أو مداخل دور العبادة، وأحيانا من دورات المياه بالمستشفيات، وقد لايتورع هؤلاء الذين يريدون التخلص من طفل عن إلقائه في صناديق القمامة، حتى يهيء الله له من يلتقطه.
غريزة الأمومة فطر الله عليها كل المخلوقات، لم يختص بها كائنات دون أخرى، لكنها تظهر بوضوح أشد لدى الإنسان، وعندما يحدث العكس يصبح هذا الأمر ولا شك مثارا للدهشة، فعندما عثر على الطفلة " دينا " في كرتونة صغيرة على أحد الأرصفة، كان بجوارها كرتونة أخرى بها أربعة من الكلاب الصغيرة تحتضنهم أمهم جميعا دون أن تمس المولودة بأذى، تصف إحدى السيدات التي شهدت هذه الواقعة ما رأته قائلة: نزع الله الرحمة من قلب أم هذه الطفلة ليضعها في قلب الكلبة التي كانت تحتضن الوليدة بين أرجلها كما لو كانت ترضعها مع أولادها.
أن تسمع صوتا يخرج من بين القبور فهو بلا أدني شك أمر يثير الفزع، هذا ما حدث مع السيدة حسنية محمد أثناء زيارتها لقبر زوجها، عندما سمعت بكاء طفلة يخرج من قلب قبر مجاور، في البدايه تطرق عقلها إلى أن هناك طفلا تم دفنه حيا على سبيل الخطأ، ولكن بعد أن تتبعت الصوت وجدت ما لم يكن في الحسبان، فبين شواهد القبور فوجئت بفأر كبير الحجم يقرض جسد طفلة حديثة الولادة والدم يسيل من أجزاء كثيرة من جسمها الصغير، تخلت الأرملة عن صدمتها بسرعة وسارعت بحمل الطفلة إالى أقرب مستشفى لمدواة جرحها والعناية بها طبيا، ولأنها لم تنجب من زوجها الراحل قررت أن تكفل الصغيرة بعد أن شعرت ان العنايه الإلهية أرسلتها خصيصا لإنقاذها من موت محقق.
المفتياح : كيفية ، التعامل ، اللالقطاء ، اليتم ، التيتيم ، الاجر ، كفالة ، تبنى ، نسب ،
التوأمان
أثناء مرور الحاج اسماعيل في شوارع المعادي في إحدى الليالي الشتوية الباردة، اصطدم بكيس أسود اللون كاد أن يطأه بقدميه لولا أن صدر منه صوتا انخلع له قلبه، فاقترب منه على حذر خوفا من أن يكون به شيء يضره، ليجد به توأمين لم يتعد عمرهما ساعات قليله، فحبلهما السري غير مربوط وهم ما بين الحياة والموت بسبب برودة الجو من جهة وتعرضهم للاختناق داخل الكيس من جهة أخرى، توجه الحاج "اسماعيل" لدار أيتام قريبة بالحي وسلم الطفلين، وهناك أخبراه بفصل الشقيقين لأن قوانين الدار تمنع الاختلاط بين الذكور والإناث، ليفترق التوأمان قبل أن يرى كل منهما الآخر ويضيع السند الوحيد المتبقي لكل منهما في هذه الحياة.
أرقام مفزعة
وقد وصل عدد الأطفال الذين عثر عليهم دون نسب أو أهل في أماكن مختلفة بالسعودية في عام 2002 الى 484طفلا، بمعدل ستة أطفال يوميا، كذلك عثر في العام نفسه على 405 طفل لقيط بمدينة الخرطوم، أما في مصر فمن بين مايزيد على العشرة آلاف نزيل بمؤسسات رعاية الأيتام، يمثل اللقطاء نسبة 90% منهم بلغ عددهم ما يزيد عن التسعة آلاف لقيط.
وينشأ هؤلاء الأطفال في ظل بيئة صنعتها لهم إدارة الرعاية البديلة التابعة لوزارة التضامن بين أشخاص يحاولون القيام بما كان يفترض أن يقوم به الأب والأم، ولكنهم بطبيعة الحال لا يستطيعون أن يكونوا بديلا كاملا، بل إن هؤلاء البدلاء يتغيرون بتغير المراحل السنيه للصغار، فبين مرحلة ومرحلة وكلما تقدموا في العمر سنوات تتولاهم أيد جديدة، وهذه التغييرات تصيبهم بهزات نفسيه تؤثر على سلوكهم ليس في الحاضر فقط، بل تمتد آثارها للمستقبل وتلازمهم ما بقوا على قيد الحياة.
طفولة غير سعيدة
ذات يوم عادت واحدة من بناتي بالدار من المدرسة وهي تبكي بشدة لتسألني أين بابا وماما؟ .. فحاولت تهدئتها وأخبرتها أن والدتها توفيت أثناء ولادتها، وأن والدها لحق بها بعد بثلاثة أشهر، وبالفعل اقتنعت الطفلة وانصرفت وقلبي يتمزق عليها من اللهفة التي ارتأيتها بعينيها البريئتين على معرفة الحقيقة الأليمه التي تنتظرها .
وفي النهاية فملف الأطفال مجهولي النسب سيظل مفتوحا .. فاللقيط إنسان يستحق منا أن نتعامل معه مثلما نتعامل مع أي إنسان آخر، لا أن يكون موضع للسخرية والتهكم، لأننا بذلك ندفعه إلى حافة الهوية ونصنع منه مجرما ناقما على المجتمع يسعى فقط للانتقام منه
ويؤكد مدير الجمعية أن الدار تسعى لتأمين مستقبل هؤلاء الأطفال، حيث يتم وضع مبلغ 12 ألف جنيها باسم كل طفل في أحد البنوك من حصيلة التبرعات التي تُقدم للدار ، فضلا عن شقة يتسلمها عند الزواج سواء كان شابا أم فتاة
تربية اللقيط والإحسان إليه من الأعمال الطيبة التي تؤجر عليه ولكن لا نستطيع الجزم بأنه ككفالة اليتيم لأنه قد لا يكون يتيما ، وعلى كل حال فأنت مأجور على تربيتك له والإنفاق عليه لأن الله لا يضيع أجر المحسنين 0 والله أعلم0
يقول الاستاذ عبد المنعم عبد المجيد مدير جمعية "الطفولة السعيدة" للاطفال مجهولي النسب بمحافظة القاهرة : تقوم الشرطة بتحرير محضر فيما تأمر النيابة بإيداع الطفل في إحدى مؤسسات الرعاية التابعة لوزارة الصحة ، ويتم إجراء الفحوصات الطبية اللازمة لهم خاصة أن بعضهم يكونوا مرضى بسبب وجودهم في أماكن ملوثة في الطرق لفترات طويلة، فيما يتم استخراج شهادة ميلاد للطفل تحمل أسماء وهمية للأب والأم، ثم تتولى أمهات بديلات مهمة إرضاع الأطفال حتى يبلغوا عامهم الثاني نظير مبلغ تقدمه وزارة التضامن الاجتماعي، وقد تمتد فترة إقامتهم لديها حتى أربع سنوات، وأحيانا تكون هذه الفترة من أسوأ المراحل عند بعض الاطفال. فمنذ خمس سنوات وصل إلينا طفل صغير لم يتجاوز الرابعة من عمره، ولاحظت أنه لا يستطيع النوم على ظهره وعندما فحصته، فوجئت بعلامات تعذيب شديدة على ظهره، وقال لي بكلماته البرئية : الحاجة بدرية –الأم البديلة- ضربتي بالخرطوم وأخذت أكلي وأعطته لابنها، فالوزراة تصرف وجبات لهؤلاء الأطفال لكنهم لا يسلمون من طمع من حولهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق