مازالت حالة التناحر بين الخادمة والمخدومة في شد وجذب، بسبب ضبابية التشريعات المنظمة لعمل الخادمات، فحتى الآن لا يوجد في معظم الدول العربية قانون يحكم العلاقة بينهما، ويضمن ألا يجور أحدهما على الآخر.
فتحت ملف الخادمات وأرباب العمل؛ لمعرفة أهم وقائع وشكاوى الطرفين، وسألت: «هل من سبيل للتفاهم والاحترام المتبادل؟».
السعودية: أثارت قضية الخادمة الأندونيسية سومياتي سولان مصطفى (24 سنة)، التي تعرضت للتعنيف من قبل مخدومتها (54 سنة) بالمدينة المنورة، الرأي العام في كل من السعودية وأندونيسيا، لدرجة أنها حظيت بمتابعة من كبار المسؤولين في البلدين
وكانت سومياتي قد تعرضت للتعذيب من قبل أرباب عملها، وأصيبت بجروح في الوجه وقطع بالشفاة، وبعض أجزاء جسدها، وأشارت بعض التقارير إلى أنها تعرضت للحرق، مما دعا مسؤولين سعوديين للتعهد بتحقيق العدالة في هذه القضية.
مدير مكتب جمعية حقوق الإنسان بالمدينة المنورة، أحمد العوفي، أكد أنَّه عند الكشف على سولان، وجد بالفعل آثار كي بالمكواة، قديمة وحديثة، بجسدها، إلى جانب قطع لشفتها العليا، وفروة الرأس، وجروح غائرة في الساقين، وتورم في القدمين، وكل هذه الإصابات أحدثتها بها ربة المنزل التي مارست أفظع حالات التعذيب التي مرَّت علينا؛ وتعتبر حالة شاذة، ونادرًا ما تحدث مثل هذه الحالات في المملكة، ومن جانبنا نتابع عن كثب حالة المعنَّفة، وبدأت تتحسن يومًا بعد يوم، وفي الوقت نفسه ننتظر الحكم الذي سيصدر تجاه ربة المنزل التي لاتزال تقبع في سجن المدينة المنورة النسائي.
من الظالم ومن المظلوم؟!
في الاستبيان الذي أجرته «سيدتي» على 100 سيدة في السعودية، لديهن خادمات، تبين أن:
100 % يلقين باللوم على قلة معرفة الخادمات بمتطلبات الأسرة السعودية.
90 % من الخادمات قلن إنهن تعرضن لظلم من قبل المخدومين.
الإمارات: حوادث صادمة ترتكبها الخادمات، فإحداهن قتلت رضيعًا، أخرى انهالت بالضرب على أبناء مخدومتها، ثالثة سرقت ممتلكات، ومن تكرار الحوادث وتنوعها، يخيل إلينا أن الخادمات هنا متمردات، وبالمقابل حين نسمع صرخاتهن، وشكواهن من القهر والتعذيب، يخيل إلينا أنهن يلقين معاملة غير إنسانية، أقرب لمعاملة الإماء، لكن القضاء يفصل في كل حالة بما تستحق.
الخادمة يويدت تاكلي (27 سنة- غير متزوجة) قدمت الإمارات عام 2006، للعمل عند عائلة في الشارقة، وزعمت: «رب المنزل حاول التحرش بي، وتعرضت للضرب المبرح، ولم يسمحوا لي بالتواصل مع أسرتي، وحين لجأت لقنصلية بلدي، تسلمني الكفيل ثانية، وحبسني في المنزل، ثم حاولت الانتحار برمي نفسي من الشباك، وحين هم الكفيل بتسفيري هربت منه في المطار».
معاناة مادينا كاسبج، 20 عاما، لا تقل قسوة، إذ تقول: «قدمت للدولة وعمري 17 عامًا، عملت عند أسرة في العين، كان رب الأسرة، بحكم طبيعة عمله، يأتي على فترات متباعدة، بينما كانت ربة البيت تعاملني بغلظة، وتهينني لأتفه الأسباب، وبعد معاناة 16 شهرًا هربت، وأتنقل للعمل بين منزل وآخر، بشكل غير قانوني».
مصر: حكايات الخادمات في مصر أكثر ذيوعًا وانتشارًا، فهذه شيماء تنقلت بين أكثر من منزل، تقول: «عملت خادمة وأنا في سن السابعة من عمري؛ كانت ربة البيت تعذبني، وتضربني بسلك الكهرباء لو كسرت كوبا أو طبقا، كبرت وأصبحت في سن 17 وعملت لدى أسرة، ولم أنل سوى أجرٍ قليلٍ مقابل أعمال كثيرة، تركتهم بعدما تحرش بي شقيق الزوجة».
أضافت شيماء: «عملت أيضا عند دكتورة مشهورة كان لها فضل كبير عليّ، ولكن زوجها كان يتعاطى المخدرات، فتركتها لكثرة المشاكل بينهما».
استغلال ومعايرة، تعرضت لهما أسماء، إذ تقول: «عملت عند أسرة 3 سنوات، وكانوا يكلفونني بأعمال فوق طاقتي، كنت أغسل ملابسهم يوميًا على يدي لعدم وجود سخان، أو غسالة أوتوماتيك برغم أنهم أغنياء، وابنهم كان يضربني، ويعايرني كوني خادمة».
أم مروة، حالة أخرى: «كنت أعمل عند ربة منزل زوجها مسافر، ولديها ولد وحيد، تركتها لأنها كانت تخون زوجها في غيابه، ذهبت لأسرة أخرى أقمت معهم سنة، وفي يوم فقدت منهم ساعة ذهبية اتهموني بسرقتها، ثم وجدوها في دولاب أحد أبنائهم، فتركتهم ردًا لاعتباري».
أجرت «سيدتي» استبياناً على 50 سيدة مصرية، لديهن خادمات، وعلى 50 خادمة مصرية، وتبين أن:
90 % يشكين من كثرة طلبات الخادمات، وقلة عملهن، وتذمرهن من أي عمل إضافي.
95 % من الخادمات يشكين من ظلم أصحاب المنازل، وأكثر ما يزعجهن المعاملة القاسية من قبل أفراد الأسرة.
لبنان: في لبنان، غالبًا ما تقوم الخادمة بكل الأعمال المنزلية، ولا يسمح لكثيرات من العاملات الأجنبيات باستخدام أحواض السباحة في المنتجعات السياحية بسبب لون بشرتهن الداكن، وهذه القضية محل متابعة ورصد من جمعيات في المجتمع المدني، وبينها حركة مناهضة العنصرية.
ماري، من الناشطات في حملة مناهضة العنصرية، تقيم في لبنان منذ 8 سنوات، تقول: «اللبنانيون لا يحترمون العاملات الأجنبيات، وينظرون إليهن نظرة دونية؛ لأنهن يقمن على خدمتهم وأولادهم».
بينما ينفي وزير السياحة اللبناني فادي عبود وجود ظاهرة منع العاملات الأجنبيات من السباحة بسبب بشرتهن الداكنة، ويقول: «المهم مراعاة معايير النظافة واحترام القوانين المتعلقة بالملابس الخاصة بالسباحة».
البحرين: قصة لاكشمي التي أثارت الرأي العام في البحرين والخليج، تتحدث سيدة الأعمال منى المؤيد، عضوة جمعية حماية العمالة الوافدة: «تعرضت الخادمة الهندية «لاكشمي»، في العشرينيات، لاعتداءات جسدية واضحة، ومن شدة الضرب مدة 3 سنوات، ظهرت إصابات خطيرة وعينها اليسرى فقدت بسببها بصرها، وهناك آثار عنف على جسدها، وقد عثر عليها عامل هندي في حالة يرثى لها، وتعاني من إغماءة وملقاة في أحد الشوارع بمنطقة الرفاع، فاتصل بالجمعية، وتم إبلاغ السفارة الهندية، وتم نقل الخادمة إلى مستشفى السلمانية، وأمر وزير الصحة بفحصها وتقديم الرعاية الصحية لها، وعينت السفارة محاميًا رفع قضية ضد العائلة في المحكمة، وحصلت على جميع مستحقاتها المالية من الكفيل، ورفضت التنازل عن حقها المدني».
تونس: في تونس، توجد قوانين عامة للعمل، ولكن مشغلي الخادمات لا يحترمون تلك القوانين، ولا يطبقونها.
تقول الخادمة مسعودة: «لا أتمتع بالضمان الاجتماعي، وأعمل ساعات كثيرة، وفي بعض المناسبات يرسلونني لمساعدة أصهارهم، أو أقاربهم بدون أجر إضافي، وأكثر ما يحز في نفسي أنه كلما ضاع شيء يشكُّون فيَّ، بالتلميح أو بالتصريح».
بينما تشكو سلمى من الرواتب الهزيلة: «حتى راتبي الهزيل يأخذه أبي، نعم آكل وأنام عند الأسرة التي أعمل لديها، وألبس مما تخلت عنه ربة البيت، ولكني لا أتمتع ولا أتصرف في المال بحجة أن أهلي يدخرونه لي».
ويبدو أن سوء المعاملة حالة شائعة، تقول مبروكة: «ربة البيت قاسية، لا شيء يعجبها، وإذا وجدت صغيرها يبكي وبختني، ولا تسمح لي بالأكل معهم على المائدة، ولا أزور أهلي إلا أيامًا معدودات في العام».
الكويت :يعتبر اقتناء خادمة أو أكثر من الوجاهة الاجتماعية، والظهور بمظهر الطبقة الغنية، وبدأت المشكلات تطفو على السطح بين الكفيل والخادمة.
خالد العجمي، أحد أصحاب مكاتب جلب العمالة، يقول: «أعتقد أن العمالة المنزلية الإندونيسية كثيرًا ما تهرب من المنازل، بسبب المعاملة السيئة، مثل تأخير الرواتب أو إطالة ساعات العمل أو الاعتداءات المهينة».
يؤيد عبدالعزيز خالد، «موظف»، هذا الرأي بقوله: «الخادمة ضحية للكفلاء الذين يسيئون معاملتها».
ومن واقع معاناتها، تقول الهندية مالدي: «تركت المنزل بسبب وجود خادم سيلاني كان يحاول التحرش بي، وأخبرت أصحاب المنزل، دون جدوى، فتركتهم وأبحث عن عائلة أعمل لديها».
بينما تقول أحلام جيني بينات، من الفلبين: «أقل غلطة أتحمل مسؤوليتها جسديًا وماليًا، ففي إحدى المرات نسيت ربة المنزل أين وضعت خاتمها، واتهمتني بسرقته، فتناوبت وزوجها ضربي حتى غبت عن الوعي، ولاحقا وجدا الخاتم، لجأت لسفارة بلادي فأنقذتني
منقول مجلة سيدتى
الفتياح : اتهمت ، ظهور ، مشكلات ، مسؤلية ، اجتماعية ، فوانين ، العمالة ،
الفتياح : اتهمت ، ظهور ، مشكلات ، مسؤلية ، اجتماعية ، فوانين ، العمالة ،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق