قبل ان نتحدث عن الفيلم المسيء للرسول والذي يعرض على موقع يوتيوب نذكرك بنصيحة الرسول (صلى الله عليه وسلم ) وهي : لا تغضب، “عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال: (لا تغضب فردد مرارا قال: لا تغضب)، حتى عندما اجبرتنا وسائل الاعلام خلال الايام الماضية على ان يكون شاغلنا الشاغل هو الفيلم المسيء للرسول والذي نسب الى اقباط المهجر بعد دبلجته للعامية المصرية ومن ثم تبين لاحقاً بان مخرج الفيلم ومنتجه اسرائيلي امريكي مقيم في ولاية كاليفورنيا ويدعى سام باسيل اما الاسم الحقيقي الذي اطلقه صانعوا الفيلم المسيء للرسول هو “براءة المسلمين” كان علينا ان لا نغضب الى الحد الذي نفقد صوابنا به كما نشهد في احداث مظاهرات السفارة الامريكية في مصر اليوم، او احداث مظاهرات ليبيا الاخيرة التي ادت الى مقتل السفير الامريكي في بنغازي.
فلولا هذه الضجة الصاخبة المصطنعة التي اثيرت حوله لكان مصير هذا الفيلم الساقط فنياً واخلاقياً وفكرياً الى اقرب مزبلة في بيوت اصحابه القذرين الحاقدين ابتداءً من مخرجيه وانتهاءً بمسوقيه مثل القس الامريكي المتطرف تيري جونز او القبطي الموتور موريس صادق.
فرغم مرور قرابة عام على انتاج الفيلم المسيء للرسول الا انه لم يعرض في اي صالة سينما ولم يكن سينال اي اهتمام يذكر مثله في ذلك مثل عشرات المقاطع والافلام اليومية التي تنتج وتضاف الى موقع يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي وتحتوي على اساءات للاسلام وللرسل وللذات الالهية وتتعدى بمراحل ما جاء في الفيلم الاخير المسيئ للرسول، ولكن اغلبيتها لا يحظى حتى بعدد مشاهدات تذكر وسرعان ما تضيع ضمن ملايين المقاطع التي ترفع يومياً على يوتيوب.
واذا اخذنا بعين الاعتبار بان الفيلم المسيء للرسول انتج منذ سنة تقريبا ويعرض الفيلم المسيء للرسول على يوتيوب منذ اكثر من 4 اشهر وهو لا يتعدى مدة 13 دقيقة حيث هناك شكوك ان يكون هناك فيلم كامل اصلاً، يحق لنا ان نتسائل لماذا يتم تسليط الضوء عليه في هذا الوقت تحديدا؟ ولماذا كان اول من ساهم في عرض واشهار الفيلم المسيء للرسول هي القنوات الدينية الاسلامية المصرية ( مثل قناة الناس وقامت بعرض مقاطع من الفيلم وبالتالي اثارت فضول لدى الملايين لمعرفة محتوى الفيلم المسيء للرسول واضافت له شهرة لم يكن ليحلم بها صانعوه، ثم توالى نقل وعرض هذا العمل ونشر اخبار عنه في جميع وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وعلى يد مسلمين يفترض انهم غيورين على دينهم فهاجت بعدها الجموع ومازالت اصداء الفيلم المسيء للرسول حتى الان تتوالى، وكان الاحرى بهم ان يلتزموا بقول الله تعالى: “وقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذن مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين فى جهنم جميعا”
احداث السفارة الامريكية بسبب الفيلم المسيء للرسول
تناسينا جميعا في خضم هذه احداث الفيلم المسيء جميع المصائب التي تثقل كاهل اي مواطن مصري وعربي هذه الايام كما شهدنا في احداث السفارة الامريكية في مصر وليبيا، وبالعودة الى نظرية المؤامرة التي تربينا عليها، علينا ان نبحث عن المستفيد من انتشار الفيلم المسيء للرسول وبهذا الشكل وفي هذا التوقيت تحديداً خاصة مع المآسي والمعاناة اليومية والمصائب التي سوف تقع على كاهل المواطن المصري من متوسطي ومحدودي ومعدومي الدخل الايام القادمة، وعلى رأسها تطبيق اجراءات التقشف من اجل قرض البنك الدولي ( من رفع الدعم عن السولار والبنزين والكهرباء والغاز والذي سيتسبب في التضخم وارتفاع اسعار كل شيء بشكل مبالغ فيه ابتداءا من المواصلات ومن المواد الغذائية العادية ولذا حتى لو تم رفع الاجور الى اضعاف ربما لن تكفي المواطن العادي من شراء احتياجاته الاساسية وهلم جراً ) ، ومع اقتراب انقضاء مدة المئة يوم التي وعد فيها الرئيس محمد مرسي بحل خمسة مشاكل رئيسية وهي النظافة - المرور – الامن – الخبز – الوقود، والتي لم يتم اتخاذ اي اجراءات حاسمة بشأنها بشكل مرضي حتى الان ، كذلك تواطؤ القضاء الاداري وتحيزه الواضح الى الاخوان المسلمين في قضية حل الجماعة وقضية بطلان الجمعية التأسيسية للدستور في الوقت الذي يتم فيه طبخ دستور اخوانجي ووضع مواد تمهد لسيطرة الاخوان على كل مفاصل الدولة وبطشها بكل معارضيها، الحملة الشعواء ضد حرية الاعلام والفن وغيرها وقد جاء هذا الفيلم كفرصة من السماء لاستمرار الحملة وفرض مزيد من القيود على الحريات بجانب المواد التي وضعت في الدستور الذي تتم كتابته لتكمم الافواه وتفرض تابوهات جديدة على كل المستويات ، وتمرير الاستفتاء القادم على الدستور بالطريقة التي تتتناسب مع مصالحهم ، اضافة الى الحكم المنتظر بعودة مجلس الشعب المنحل كما جاء على لسان رئيسه السابق سعد الكتاتني ، وايضا الحديث عن اعادة العمل بقانون الطوارئ المعيب الذي قام بتعديله احمد مكي وزير العدل والذي يبدو انه سوف يطبق ان عاجلا ام اجلا ، وكل ذلك يأتي مع اقتراب الدراسة واضراب المعلمين ومظاهراتهم للمطالبة بتحسين احوالهم والتي تجاهلتها الحكومة مرارا ومع رفض تطبيق الحد الادنى والحد الاقصى للاجور . ولا ننسى انتخابات مجلس الشعب التي سوف تقام في حالة عدم عودة مجلس الشعب ولذا كان لابد من اثارة المشاعر الدينية الان اكثر من اي وقت وعليك عزيزي المواطن ان تختار احد الاحزاب الاسلامية وفي طليعتها الاخوان المسلمين لتنتصر للدين باسمائهم .
كل ما سبق وغيره كثيرا يؤكد فشل الجماعة في ادارة مصر ولذا لجأت الى الحيلة القديمة التي كان يستخدمها نظام مبارك السابق وهي ايجاد وسيلة لاثارة غضب الشعب ولفت انظارهم بعيداً عن القضايا الاساسية فبدلا من مسرحية شوبير و مرتضى منصور ومباريات منتخبي مصر والجزائر لكرة القدم لجأت الجماعة الى الدفع بعصام سلطان ليطارد احمد شفيق وهناك الحرب الدائرة بين حازم صلاح ابو اسماعيل و التحالف الذي تم بين البرادعي وحمدين صباحي غير توزيع الاتهامات بالكفر والفسق بالجملة وبدون رقيب ومنع مقالات في الجرائد القومية ومنع اشخاص كالمرشح الرئاسي السابق خالد علي من الظهور على شاشة التليفزيون المصري لكن لم تلجئ الجماعة الى استخدام اسلوبها القديم في استغلال قضية الاقصى وغزة رغم ان غزة تتعرض للقصف منذ ايام ومن المستحيل ان تغضب حليفتها امريكا ومن ورائها اسرائيل فكما صرح الرئيس الدكتور مرسي في بداية توليه للرئاسة بانه سيحافظ على جميع المعاهدات الدولية السابقة، كذلك خرج علينا رئيس الوزراء هشام قنديل منذ ايام لينبئنا بانه باق على اتفاقية الكويز التي طالما هاجمها الاخوان ايام حكم مبارك السابق والموقعة بين كل من مصر وإسرائيل والولايات المتحدة.
اخيراً بقي ان نقول بان الجماهير الغاضبة التي قامت الجماعة الحاكمة باثارتها بحجة الفيلم المسيء للرسول قد تخرج عن سيطرتها وتخرج عن المسار المحدد لها وتجري رياحها بما لا يشتهون كما حدث في ليبيا واكثر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق